هنية أبو خريص: على الرغم من العنف، سأواصل عملي في البلدية
.
بعد أن أكملت دراساتها العليا في إدارة الأعمال الدولية، عادت هنية أبو خريص إلى مدينتها سرت، ليبيا –على خليج سرت بين طرابلس وبنغازي– في عام 2010،
ثم بدأت حياتها المهنية بالتدريس الجامعي في مجال الاقتصاد وأصبحت معروفة بصفتها خبيرة في الاقتصاد وإدارة الأعمال الدولية.
أدركت هنية أنها من الممكن أن تكون مرشحة مناسبة للمناصب المحلية، وكانت متحمسة للغاية لخدمة مجتمعها، كما كانت سيرتها الذاتية المهنية قوية وكانت على دراية بتطلعات الشابات والشباب الليبيين وصراعاتهم.
في ليبيا، ينص قانون الحكم المحلي على تخصيص مقعد واحد على الأقل في كل مجلس بلدي للنساء. ومن الناحية العملية، هذا المقعد المخصص يكون الحد الأدنى والحد الأقصى على حد سواء: فجميع المرشحات يتنافسن على ذات المقعد. فازت هنية بالمقعد المخصص للنساء في أول انتخابات محلية في سرت في عام 2014 بفارق كبير. وبذلك، أصبحت أول امرأة تنتخب في المجلس البلدي لسرت.
تصف هنية اللحظة التي فازت فيها بالانتخابات المحلية بأنها نقطة تحول في حياتها. ومع ذلك، في سياق المجتمع الذي يهيمن عليه الذكور، والذي غالباً ما يُنظر فيه إلى النساء بشكل خاطئ على أنهن ضعيفات وغير قادرات على شغل المناصب العامة، واجهت هنية تحديات متعددة عندما انضمت إلى المجلس البلدي.
وتحدثت هنية في هذا السياق قائلة: "كان التحدي الرئيسي الذي واجهته في المجلس هو كيفية التعامل مع أعضاء المجلس من الرجال الذين لم يعتقدوا أن عضوات المجلس يمكنهن أداء مهامهن كما يفعل الرجال تماماً. وفي كل مرة كان عليَّ أن أثبت لهم أنني امرأة مستقلة ومؤهلة، قادرة على القيام بالمهام التي يقوم بها الرجال بنفس القدر من الجودة، وأن أثبت باستمرار أنني لست مجرد امرأة ضعيفة لا طاقة لها على المشاركة في عملية صنع القرار المتعلقة بالمشاريع البلدية".
ونظراً للحالة الأمنية المتوترة في سرت، التي شهدت اندلاع اشتباكات مسلحة مستمرة بين مختلف الجهات الفاعلة العسكرية، كانت هنية تتعرض لخطر كبير عندما كانت تعمل في مكتبها في البلدية. ووصفت خوفها من القتل الخاطئ قائلة:
"في كل مرة دخلت فيها مكتب البلدية، كنت أتخيل رصاصة طائشة تخترق النافذة، وتصيب رأسي".
وحدثت حالة أخرى عالية الخطورة بالنسبة لهنية في عام 2018، عندما تم تفويضها للقيام بأعمال رئيس المجلس البلدي. في ذلك الوقت، هددت قوات داعش بقتلها إذا لم تتخل عن المنصب الذي انتدبت له في البلدية.
ورغم هذه التهديدات، فإن هنية واصلت مهامها بصفتها رئيس المجلس بالنيابة. وفي ذلك الوقت تقريباً، تابعت هنية شكاوى بعض المواطنين والمواطنات فيما يتعلق برداءة الخدمات الطبية التي يقدمها أحد المستشفيات المحلية في سرت. وعقدت هنية اجتماعات مع إدارة المستشفى بحضور أعضاء مجلس الحكماء لإيجاد حل وافق المستشفى بموجبه على تحسين جودة الخدمة المقدمة للمرضى.
وشاركت هنية أيضاً خبراتها بصفتها قائدة نسائية محلية في عدد من المؤتمرات. ومع ذلك، فإن هذه الفرصة لمشاركة تجارب المرأة الليبية في الحياة العامة شوهتها بعض الجماعات المتطرفة، التي اتهمتها بالترويج للفحشاء.
وأوضحت هنية: "لقد وصل هجوم تلك الجماعات شديدة التحفظ إلى حد أنها أنشأت صفحات على فيسبوك شاركت فيها صوري الخاصة مع أصدقائي وصديقاتي في العالم، والمنشورة على صفحتي على فيسبوك، لتبرير اتهاماتهم بأنني امرأة لا تتحلى بالأخلاق ولا تحترم التقاليد والشريعة الإسلامية".
واستمرت المضايقات عبر الإنترنت ضد هنية إلى حد مشاركة هذه المجموعات المتطرفة رقم هاتفها المحمول عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مما أدى إلى سيل من المكالمات التهديدية ليلاً ونهاراً.
وأعلنت هنية قائلة: "نتيجة لحملة المضايقة على الإنترنت ضدي، مررت بنوبات من التوتر والقلق والشعور المستمر بعدم الأمان. لم أكن أعرف في البداية كيف أتعامل مع هذه الحملة الشرسة على الإنترنت الموجهة ضدي".
وبهدف تجنب الآثار الجسيمة للمضايقة عبر الإنترنت ولإيقاف هذا النوع من العنف ضد النساء الأخريات العاملات في المجال السياسي، قررت هنية كسر جدار صمتها وطلب دعم صديقاتها من معارفها من النساء.
وقد أدى ذلك إلى الاتصال بشركة Meta (فيسبوك) للإبلاغ عن الصفحات المسيئة، والسعي إلى إغلاق تلك الحسابات.
وفي الوقت الحالي، لا تزال هنية تعمل عضواً في المجلس البلدي في سرت، الذي تعكف على إعداد حملة انتخابية جديدة لها فيه. غير أنها سترشح نفسها هذه المرة للانتخابات البرلمانية الوطنية، وتأمل الفوز بمقعد في البرلمان الليبي للدفاع عن حقوق المرأة وتعزيز بناء السلام في بلدها.
وبالنسبة للنساء اللواتي يطمحن لشغل مناصب قيادية، تنصحهن هنية بدراسة القانون، الأمر الذي يمكن أن يساعدهن على خدمة شعب ليبيا.