قصة
١٩ أغسطس ٢٠٢٥
صوتها أملٌ لهم: نحتفي بالنساء العاملات في المجال الإنساني بمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني
تتطوّع حياة، البالغة من العمر 23 عامًا، في فرع الهلال الأحمر الليبي بمدينة بني وليد. منذ بدايتها في العمل التطوعي، لم يرحّب الكثير في مجتمعها بخيارها. قال لها بعضهم: "أنتِ فتاة، ابقي في البيت." لكنها أصرّت وواصلت ولم تتراجع. بدعم أسرتها، وخاصة والدها، التزمت حياة نحو طريقها، مدفوعة بإيمانها بأنها تملك ما هو مهم لتقدمه.بالنسبة لها، لم يكن العمل التطوعي مجرّد هواية، بل مسؤولية أخلاقية واجتماعية. كما قالت: "العطاء ليس أمرًا إضافيًا، بل هو واجب علينا تجاه بعضنا البعض."مع مرور الوقت، لاحظت حياة أن النساء غالبًا ما يُستثنين من الدعم أو يُتركن دون توجيه. كما لم تكن العائلات تعرف دائمًا إلى أين تتوجه. عندها، قررت أن تتدخل وأن تكون كما تسمي نفسها، "جسرًا" يربط بين من يحتاج ومن يستطيع أن يساعد.من أوائل أدوارها، تطوّعت في صيدلية بالمدينة، وكانت كثير من النساء يشعرن بعدم الارتياح عند الحديث مع صيادلة رجال حول مسائل صحية خاصة. لذلك، كانت حياة تقف إلى جانبهن وتساعدهن في التعبير عن احتياجاتهن. وتقول: "مجرد الوقوف معهن منحهن الثقة." لقد كان وجودها وحده كافيًا ليشعرن بالدعم والاطمئنان.وفي مناسبة أخرى، زارت حياة أطفالًا في قسم الكلى، وقدّمت لهم بطاقات دعم صنعتها يدويًا. حينها، نظرت إليها طفلة صغيرة وقالت: "نريد أن نكون مثلك." بقيت هذه اللحظة محفورة في ذاكرتها، وذكّرتها بسبب وجودها في هذا العمل.لم يكن طريقها سهلًا. فقد واجهت شكوكًا وانتقادات من بعض الناس، لكنها اختارت أن تركز على من يحتاج إليها، لا على من يشكّك فيها. وتقول: "لم أدخل هذا المجال لكي أرضي الناس، بل لأن هناك من كان بحاجة إليّ."ومع الوقت، أثمرت مثابرتها. أصبحت حياة قائدة فريق ودرّبت متطوعين جدد وشجّعتهم على التطوّر والبقاء والاستمرار. وبالنسبة لها، القيادة لا تعني فقط التوجيه، بل تعني أيضًا الاستماع، والدعم، وفتح المجال لأفكار الآخرين.في ديسمبر 2024، شاركت حياة في برنامج "تدريب مدربين ومدربات" نظّمته هيئة الأمم المتحدة للمرأة، بالتعاون مع وزارة الحكم المحلي والهلال الأحمر الليبي. ركّز البرنامج على الاستجابة لاحتياجات النساء خلال الأزمات الإنسانية، وقدّم لها أدوات عملية تطبقها اليوم في كل زيارة وكل تواصل مع النساء والعائلات.في هذا اليوم العالمي للعمل الإنساني، تمثّل حياة نموذجًا لمئات الشابات الليبيات اللواتي يجسدن المعنى الحقيقي للعمل الإنساني. فهي تتحدث بهدوء وثقة وتنصت دون حكم وتمنح النساء شعورًا بأن صوتهن مسموع. لا تطلب الاعتراف أو التقدير، لكنها تواصل العمل من أجل الآخرين.وحين تنظر إلى الخلف، تقول إن هذا العمل غيّرها. كما عبّرت: "العمل الإنساني شكّلني، أعطاني صوتًا، ومكانًا في بلادي."قصة حياة تذكرنا بقوة النساء في قيادة العمل الإنساني. في هذا اليوم، نحتفي بها وبكل من تُغيّر مجتمعها وتبني الأمل، خطوة بخطوة.
